مالك (۹۳ - ۱۷۹هـ، ۷۱۲ - ۷۹٥م).
مالك بن أنس بن مالك بن عامر الأصبحي المدني، إمام دار الهجرة وأحد الأئمة الأعلام ومؤسس المذهب المالكي. عربي الأصل، من التابعين.
ولد مالك بن أنس بالمدينة المنورة وعاش كل حياته بها في مهبط الوحي ومقر التشريع وموطن جمهرة الصحابة ومحط رحال العلماء والفقهاء. ولم يرحل من المدينة إلا إلى مكة حاجًا. مات في المدينة ودفن بالبقيع.
تلقى مالك علومه على علماء المدينة وأخذ القراءة عن نافع وأخذ الحديث عن ابن شهاب الزهري، وشيخه في الفقه ربيعة بن عبد الرحمن ـ المعروف بربيعة الرأي ـ وظل يأخذ وينهل من العلم حتى سن السابعة عشرة، وقام بالتدريس بعد أن شهد له شيوخه بالحديث والفقه. وقد قال مالك: ما جلست للفتوى حتى شهد لي سبعون شيخًا أني أهل لذلك.
ويعتبر مالك إمام أهل الحجاز في عصره وإليه ينتهي فقه المدينة، وقد أجمع العلماء على أمانته ودينه وورعه، قال الشافعي: مالك حجة الله على خلقه. وقال عبد الرحمن بن مهدي: ما رأيت أحدًا أتم عقلاً ولا أشد تقوى من مالك. شهد له جميع الأئمة بالفضل حتى قالوا: لا يفتَى ومالك في المدينة. وقد قصده العلماء وطلاب العلم من كل قطر ليأخذوا عنه؛ لذا انتشر مذهبه في كثير من الأقطار على أيدي تلاميذه الذين أخذوا عنه. وللإمام مالك كتاب الموطأ ظل يحرره أربعين عامًا جمع فيه عشرة آلاف حديث. ويعد كتاب الموطأ من أكبر آثار مالك التي نقلت عنه. صنّفت الأحاديث فيه على الموضوعات الفقهية. روى الموطأ عن مالك كثير من العلماء وطبع بروايتين إحداهما رواية محمد بن الحسن الشيباني من أصحاب أبي حنيفة، والثانية رواية يحيى بن يحيى الليثي الأندلسي.
وبجانب الموطأ فللإمام مالك المدونة وقد صنفها سحنون التنوخي وراجعها علي بن القاسم. واحتوت على جميع آراء مالك المخرجة على أصوله، وكذا آراء أصحابه. وهي من أهم الكتب التي حفظت مذهب الإمام مالك.
وقد تعرض مالك لبعض المحن نتيجة بعض الفتاوى التي تغضب الحكام، حيث أفتى بعدم لزوم طلاق المكره، وكانوا يكرهون الناس على الحلف بالطلاق عند البيعة، فرأى الخليفة والحكام أن الفتوى تنقض البيعة التي يبايعها من حلف بالطلاق. وبسبب ذلك ضرب بالسياط وانفكت ذراعه بسبب الضرب الذي أوقعه عليه جعفر بن سليمان والي المدينة.
وقد بنى مالك مذهبه على أصول هي: ۱- كتاب الله. ۲-سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. ۳-الإجماع. ٤-القياس أو عمل أهل المدينة، إذا ما رأى المصلحة في أحدهما قدمه على الآخر، ثم خبر الواحد إذا لم يخالف عمل أهل المدينة، ثم المصالح المرسلة والعرف والاستصحاب وسد الذرائع.
ويعتبر مالك صاحب مذهب فردي مستقل جاء نتيجة اجتهاده هو بنفسه وليس لأصحابه إلا القليل من الأحكام التي استنبطوها بناء على أصول إمامهم، وكان لمالك تلاميذ كثيرون منهم عليّ بن القاسم وسحنون وأسد بن الفرات.
وقد ذاع صيت مذهب مالك في جميع الأقطار، فرحل الناس إليه من كل مكان وظل يعلم ويفتي قرابة سبعين عامًا؛ فكثر تلاميذه في الحجاز واليمن وخراسان والشام ومصر والمغرب والأندلس.
وبسبب هذا فقد انتشر هذا المذهب في مصر والمغرب الأقصى والجزائر وتونس وطرابلس، وهو الغالب في السودان وبعض دول إفريقيا والأندلس والبصرة والكويت وقطر والبحرين، وقل شيوعه في بغداد بالعراق والأحساء من المملكة العربية السعودية.
نقلا عن
الموسوعة العربية العالمية http://www.mawsoah.net