الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبابطين
عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد الله بن سلطان بن خميس الملقب بـ"أبابطين"، وعشيرته آل بابطين من آل مغيرة.
ولد المترجم له في بلدة روضة سدير لعشر بقين من ذى الحجة عام ۱۱۹٤هـ ونشأ بها وقرأ على قاضيها وفقيهها الشيخ محمد بن طراد الدوسرى ولا زمه ملازمة تامة مع ما وهبه الله من ذكاء وسرعة الفهم وقوة الذاكرة فمهر في الفقه مهارة تامة وفاق أقرانه في شرخ شبابه، ثم ارتحل إلى شقراء عاصمة مقاطعة الوشم فقرأ على قاضيها الشيخ عبد العزيز الحصين فلما رأى شيخه مبلغ إدراكه صار يستعين به على كثير من المشاكل القضائية.
ثم رحل إلى الدرعية فقرأ على علمائها حتى صار ممن يشار إليهم بالبنان، ولما استولى الإمام سعود بن عبد العزيز رحمه الله على الحرمين الشريفين عام ۱۲۲۲٠هـ عينه قاضيا على الطائف وملحقاته من قبائل الحجاز فجلس في قضاء الطائف وملحقاته سنتين.
وفي ولاية الإمام عبد الله بن سعود صار قضيا على عمان ثم لما جاء عهد الحكومة السعودية الثانية ولاه الإمام تركي قضاء مقاطعة الوشم ومقره في عاصمتها شقراء ولما توفي قاضي سدير الشيخ عبد الله بن سليمان ابن عبيد عام ۱۲۳۹هـ جمع له الإمام تركي مع قضاء الوشم قضاء سدير كي يقيم في كل مقاطعة منها شهرين قال ابن بشير:( كان الشيخ الجليل مفيد الطالبين عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين إذ ذاك قاضيا في الوشم فأمر عليه تركي أن يكون قاضيا في سدير فسار إليه ونزل الروضة وتوجهت إليه الخصوم ورحل إليه طلبة العلم من أهل سدير ومنيخ وأخذوا عنه فكان يأخذ بعض الزمن سدير وبعضها في الوشم.
وفي عام ۱۲٤۸هـ نقله الإمام تركي من قضاء الوشم إلى قضاء القصيم وصار مقره في مدينة عنيزة وبعد وفاة الإمام تركي عاد إلى شقراء وجلس فيها للتدريس والتعليم والإفتاء.
قال ابن بشر في حوادث ( ۱۲٥۱هـ) طلب رؤساء القصيم من الإمام فيصل أن يبعث الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين قاضيا في بلدانهم ومدرسا لطلبة العلم في أوطانهم فأمر عليه الإمام أن يسير إليهم وكان إذ ذاك في بلد شقراء قاضيا لناحية الوشم فسار إليهم وقدم بلد عنيزة واستوطنها فأكرموه غاية الإكرام وانتفعوا بعلمه).
وفي عام ۱۲۷٠هـ ترك قضاء عنيزة وسبب ذلك ما رواه المؤرخ الشيخ إبراهيم بن عيسى بقوله:(وفي شعبان من هذه السنة ۱۲۷٠هـ قام أهل عنيزة على جلوى بن تركي وأخرجوه من القصر المعروف فيها وكان أخوه الإمام فيصل قد جعله أميرا فيها سنة ۱۲٦٥هـ
وكان الشيخ عبد الله أبابطين إذ ذاك هو القاضي في بلد عنيزة وقد ولاه الإمام فيصل القضاء عليها وعلى بلدان القصيم فلما قاموا على جلوي وأخرجوه غضب لذلك وخرج بحرمه وعياله إلى بريدة ثم قال: ( ولما كان في سنة ۱۲۷٠هـ رجع من عنيزة إلى بلد شقراء وأقام بها ولم يزل مستمرا على حاله الجميل إلى أن توفي فيها)
مشائخه:
فأما العلماء الذين أخذ عنهم فيحضرني منهم ما يلي:
۱- الشيخ محمد بن عبد الله بن طراد الدوسري قرأ عليه في روضة سدير حتى تفقه.
۲- الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الحصين الناصري قاضي شقراء قرأ عليه في شقراء وأعان شيخه على مهامه القضائية.
۳- السيد حسين الجفري قرأ عليه النحو في الطائف حينما كان المترجم له قاضيا.
٤- الشيخ العلامة حمد بن ناصر بن عثمان بن معمر التميمي.
٥- الشيخ العالم أحمد بن حسن بن رشيد العفالقي الاحسائى وقد أجازه الشيخ أحمد بن رشيد بسنده المتصل إلى الشيخ عبد الله بن سالم البصري في كتابه الامداد بعلو الاسناد.
٦- الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وهؤلاء العلماء الثلاثة قرأ عليهم في الدرعية.
والقصد أن المذكور قرأ على هؤلاء الأعلام وغيرهم في التوحيد والتفسير والحديث والفقه وأصول هذه العلوم كما قرأ العلوم العربية وأتقن هذا كله حتى صار فيها بحرا لا يجارى وحبرا لا يماري، وإليك بعض ثناء العلماء عليه:
قال تلميذه الشيخ محمد بن حميد في السحب الوابلة: ( واما اطلاعه على خلاف الأئمة الأربعة بل على غيرهم من السلف والروايات والأقوال المذهبية فأمر عجيب ما أعلم أني رأيت من يضاهيه بل ولا من يقاربه).
وقال الشيخ إبراهيم بن عيسى: ( الإمام والحبر الهمام العالم العلامة والقدوة الفهامة الشيخ عبد الله أبابطين مهر في الفقه وفاق أهل عصره في ابان شبيبته)
تلاميذه
وقد أثنى عليه كثير من معاصريه ومن بعدهم في سعة الاطلاع حتى صار مرجعا من مراجع المسلمين في بلدان نجد فأطلق عليه لقب مفتى الديار النجدية في زمنه وقد عمر أوقاته وشغلها بالتدريس والوعظ والارشاد والافتاء وكان لا يمل ولا يضجر من طول الدرس والافادة في طوال حياته فدرس في التوحيد وعقائد السلف والتفسير والحديث والفقه وأصولها والعلوم العربية في جميع المناطق التى أقام بها في الطائف وشقراء وسدير وعمان والقصيم ونفع الله به نفعا عظيما وبارك في أعماله وأقواله حتى تخرج على يده كبار علماء نجد وهؤلاء من يحضرني من كبار العلماء الذين أخذوا عنه:
۱- الشيخ الفقيه على بن محمد آل راشد وكان ينيبه في القضاء في عنيزة إذا سافر.
۲- الشيخ محمد بن إبراهيم السنانى وقد ولى القضاء بعده في عنيزه سته أشهر ثم توفي رحمه الله.
۳- الشيخ محمد بن عبد الله بن مانع قدم معه من شقراء إلى عنيزه وتزوج ابنه المترجم له فأنجبت علماء
٤- الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن مانع ابن الذي قبله وسبط المترجم له وقد ولى قضاء الاحساء الامام فيصل .
٥- الشيخ محمد بن عبد الله بن حميد صاحب السحب الوابلة.
٦- الشيخ صالح بن عيسى من بنى زيد قدم من شقراء واستوطن عنيزه فآل عيسى الآن في عنيزه من ذريته وهو نائب المترجم له في اقامة الصلاة في المسجد الجامع والخطيب عنه في غيابه.
۷- الشيخ على السالم الجليدان امام ومدرس مسجد المسومن بعنيزه.
۸- الشيخ صالح بن عثمان العوف آل عقيل.
۹- الشيخ عبد الله بن عائض قاضي عنيزه وهؤلاء بعض تلاميذه في مدينة عنيزه.
۱٠ الشيخ محمد بن عمر بن سليم.
۱۱- الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
۱۲- الشيخ سليمان بن على بن مقبل.
وهؤلاء تلاميذه من مدينة بريدة وقراءتهم عليه في عنيزه وشقراء وجميع هؤلاء العلماء الثلاثة ولوا قضاء بريدة ولهم تراجم.
۱۳- الشيخ إبراهيم بن حمد بن محمد بن عيسى من بنى زيد.
۱٤- الشيخ أحمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن عيسى ابن الذي قبله.
۱٥- الشيخ الفقيه على بن عبد الله بن إبراهيم بن عيسى من بنى زيد وهؤلاء من مدينة شقراء وقد ولوا قضاءها .
۱٦- الشيخ سليمان بن عبد الرحمن.
۱۷- الشيخ عبد الله بن عبد الكريم بن معيقل.
۱۸- الشيخ صالح بن حمد بن نصر الله.
۱۹- الشيخ جمعان بن ناصر.
۲٠- الشيخ صالح بن حمد بن نصر الله قاضى القطيف للامام تركى.
وغير هؤلاء كثير من أهل العلم ممن ادرك في العلم وممن صار له فيه محصول.
مؤلفاته:
۱- اختصر بدائع الفوائد لابن القيم وقد رأيته في مكتبة آل مانع في عنيزه بخط المؤلف.
۲- حاشية نفسية على شرح المنتهي جردها من نسخته تلميذه وسبطه الشيخ عبد الرحمن بن محمد المانع.
۳- تأسيس التقديس في الرد على ابن جرجيس وقد رأيت مسودة المؤلف في عنيزه بخط المؤلف.
٤- الانتصار في الرد على ابن جرجيس أيضا.
٥- له فتاوى وتحريرات سديدة بعضها طبع مع مجاميع رسائل علماء نجد وبعضها لم يطبع ولو جمعت وحدها لجاءت مجلدا حافلا بالفوائد وغرائب المسائل.
٦- رساله في تجويد القرآن الكريم.
والمترجم له صاحب كلمة مسموعة واشارة نافذة لدى الكبير والصغير والخاص والعام فقد كان موضع التقدير والاجلال من كلوك آل سعود في دولتهم الأولى والثانية لما يرون من العفاف والتقي ولما يعلمونه عنه من الكفاءة والمقدرة على أعماله في مناصبه كما أنه موضع الثقة من علماء الدعوة السلفية فقد عاصر زعيمها في وقته الشيخ عبد الرحمن بن حسن فكان يجله ويقدره.
كما أنه محبوب لدى العامة وعمدة لهم في مكاتباتهم وفتاويهم ومشاوراتهم لما هو عليه من الثقة والكفاءة وسداد الرأى وقد عاش في دولتين وأدرك اضطرابات ومحنا شدائد ومع هذا فهو محل التقدير من الجميع.
وفاته:
بعد اعتزاله قضاء عنيزه عام ۱۲۷٠هـ استقر في شقراء لنشر العلم ونفع المسلمين ولم يزل على سيرته الحميدة حتى توفي سابع جمادى الأول عام ۱۲۸۲هـ بعد أن أمضي في خدمة العلم ونفع المسلمين قرابة تسعين سنة ولذا عظم على الناس خطبه واسفوا لفقده وخلف ابنين هما عبد العزيز وصار من الوجهاء المقربين عند الإمام عبد الله الفيصل فهو أمين بيت المال ويرسله ليفاوض الدولة التركية والحكام وقتل مع الإمام عبد الله في معركة أم العصافير التى صارت بينه وبين محمد بن رشيد عام ۱۳٠۱هـ ولعبد العزيز بن الشيخ عبد الله أحفاد كثيرون من أشهرهم في وقتنا الحاضر الاستاذ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن عبد العزيز بن الشيخ عبد الله أبا بطين وكيل مصلحة الأشغال العامة بالرياض وأخوه الأستاذ إبراهيم مدير عام وزارة الزراعة بالرياض.
أما الابن الثاني للشيخ المترجم له فهو عبد الرحمن ولم يشتهر كأخيه عبد العزيز وله أحفاد من أشهرهم الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن الشيخ عبد الله أبا بطين ومن أحفاده الأستاذ محمد بن عبد الرحمن ابن محمد بن عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله أبا بطين مدير الشؤون الماليه بمصلحة الأشغال العامة بالرياض وأخوه الأستاذ عمر ضابط بالجيش برتبة رئيس ومن أحفاده الشيخ عمر بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن الشيخ عبد الله ابا بطين صار قاضيا ثم أحيل إلى التقاعد وصار امام في جامع شقراء وقد توفي رحم الله الشيخ عبد الله أبا بطين ورحم الأموات من ذريته وبارك في الباقين منهم