ما زال العرب قديما و حديثا يولون أهمية بالغة بكتب الأنساب إلى جانب كتب التراجم و السير، و على الرغم من أن هذه الكتب جميعا هي في الأصل جزء مهم من كتب التواريخ، إلا أن استقلال علم النسب عن علم التاريخ أصبح بارزا بشكل كبير حين بدأت تظهر بعض الكتب الخاصة بالأنساب فقط، و إن كانت ممزوجة بنفحات قليلة من علم التاريخ، إذ قلما تجد كتاب نسب إلا و هو يسرد بعض الحوادث التاريخية، خاصة إذا كان النسابة مؤرخا أيضا، وهو الغالب في هذا الفن.
و قد كان لأهل المغرب نصيب وافر من هذا العلم الجليل، و ألفوا فيه - إلى جانب إخوانهم المشارقة - أسفارا عديدة، و تألق منهم العديد من الفقهاء و المحدثين و أهل التاريخ، فمنهم من أسهب و أجاد، و منهم من كبا كما يكبو الجواد، و تميز كل بطريقته و أسلوبه و اختصاصه؛ فمختصر و مطنب، و مشجر و مبسط، و جامع ضابط و آخر كحاطب ليل.
و لعل المتتبع لطرق النسابة المغاربة و الأندلسييين دون غيرهم، يجد في تصانيفهم مزيجا من التاريخ و الفقه و التراجم و الحديث، و حتى بعض المواعظ المدعومة بالترغيب و الترهيب، و ذلك لأن غالبهم من الفقهاء و المحدثين، و قليل من شذ عنهم كبعض من امتهن مهنة الطب أو الفلك أو الوزارة و الإمارة وهم معدودون على رؤوس الأصابع.
كما أن بعض من خاض غمار هذا العلم ألحقت به صفة النسابة إلحاق الواو بعمرو، و لازمته أكثر من غيره، و البعض الآخر أدرج اسمه في معجمهم عموما و لم يعرف به خصوصا، بل إنك لترى منهم من تكلف هذا الفن على غير طبع فيه، فتناول الأنساب