المصدر
المكتبة الشاملة الذهبية
الكتاب
حقيقة الإسلام والإيمان ومنزلة العمل في الإسلام
المؤلف
منصور بن عبد العزيز السماري
ولقد كثر كلام الناس في حقيقة الإيمان والإسلام، وكثر نزاعهم واضطرابهم، من حين خرجت الخوارج المارقة المكفرة.
والخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في غيره من الأسماء، فأحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الإيمان والإسلام والكفر والنفاق، كالوعد والوعيد في الدار الآخرة، والموالاة والمعاداة، والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا.
ولذلك ينبغي أن يعلم أن الألفاظ الواردة في القرآن والحديث، إذًا عُرف تفسيرها وما أريد بها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم، لم يُحتج في ذلك إلى الاستدلال بأقوال أهل اللغة ولا غيرهم، ولهذا قال الفقهاء
"الأسماء ثلاثة أنواع: نوع يعرف حده بالشرع، كالصلاة والزكاة، ونوع يعرف حده باللغة، كالشمس، والقمر، ونوع يعرف حده بالعرف، كلفظ (المعروف) في قوله: [وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ]
فاسم الصلاة والزكاة والصيام والحج، وكذلك اسم الخمر والسرقة والزنا والربا والغيبة وغيرها، قد بين الرسول صلى الله عليه وسلم ما يراد بها في كلام الله ورسوله، فمن بيان النبي صلى الله عليه وسلم يعرف معناها، ولو أراد أحد أن يفسرها بغير ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم لم يقبل منه.
واسم الإيمان والإسلام وكذلك النفاق والكفر، هي أعظم من هذا كله، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد بين المراد بهذه الألفاظ بيانًا لا يحتاج معه إلى الاستدلال على ذلك باشتقاق وشواهد استعمال العرب ونحو ذلك، فبيان الله ورسوله لهذه الأسماء شاف كاف.
بل معاني هذه الأسماء معلومة من حيث الجملة عند الخاصة والعامة.
وأهل البدع إنما دخل عليهم الداخل، لأنهم أعرضوا عن هذه الطريق، وصاروا يبنون دين الإسلام على مقدمات يظنون صحتها، إما في دلالة الألفاظ، وإما في المعاني المعقولة، ولا يتأملون بيان الله ورسوله، وكل مقدمات تخالف بيان الله ورسوله فإنها تكون ضلالاً.