الرئيسية
الكتب
المؤلفون
ar
AR
العربية
EN
English
UR
اردو
سلة المشتروات
عرض >>
السعر:
0$
عدد الكتب : 0
إتمام الدفع
سلة المشتروات فارغة
قم بإضافة الكتب التي ترغب بشراؤها إلي سلة المشتروات
إبدأ الشراء
إغلاق
مرحبا بك!
قم بالتسجيل الآن للإستفادة من جميع خدمات الموقع
تسجيل الدخول!
تسجيل
الأقسام
عرض الكل
العقيدة
1874
التفاسير
553
علوم القرآن
1360
متون الحديث
470
الأجزاء الحديثية
900
كتب ابن أبي الدنيا
126
شروح الحديث
364
كتب التخريج والزوائد
356
كتب الألباني
139
روابط هامة
رواة الأحاديث
القرآن الكريم
إرسال كتاب للموقع
المؤلفون
عرض الكل
حمل تطبيق جامع الكتب الإسلامية
Ios
IPhone/iPad
Android
All Devices
Windows
Pc Version
حمل الآن التطبيق وتمتع بالمزامنة بين الأجهزة، تنزيل الكتب، إضافة التعليقات، إنشاء مجموعاتك الخاصة، وأكثر من ذلك بكثير…
الرئيسية
العقيدة
شرح تجريد التوحيد للمقريزي
شرح تجريد التوحيد للمقريزي
شرح تجريد التوحيد للمقريزي
ابدأ القراءة
ملخص الكتاب
نوع النسخة
كتاب نصي
المصدر
المكتبة الشاملة الذهبية
الكتاب
شرح تجريد التوحيد للمقريزي
المؤلف
سليمان بن ناصر بن عبد الله العلوان
تفريغ
أحد طلبة العلم بجدة
مراجعة وتصحيح
أبو عبد الله، أبو المهند
محتوى الكتاب
1. تجريد التوحيد المفيد (مفرغا ومنسق) بشرح العلامة سليمان العلوان - فك الله أسره
2. المقدمة
3. ترجمة موجزة للإمام المقريزي
4. الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله
5. وصحبه أجمعين ((وبعد)) ((فهذا كتاب جَمُّ الفوائد)) ((بديع الفرائد)) ((ينتفع به)) ((من أراد اللهَ والدارَ الآخرةَ)).
6. ((سميته)) ((كتابَ)) ((تجريد التوحيد المفيد)) ((واللهَ أسألُ العون على العمل به)).
7. ((اعلم أن الله سبحانه هو ربُ كل شيء ومالكه وإلهه)) ((فالرب مصدر رب يَرب ربا)) ((فهو رابٌ فمعنى قوله تعالى: {رب العالمين} ((رابُّ العالمين)) ((فإن الرب سبحانه وتعالى هو الخالق الموجد لعباده القائم بتربيتهم وإصلاحهم)) المتكفل بصلاحهم من خلق ورزق وعافية
8. ((والإلهية كون العباد يتخذونه سبحانه محبوباً ومألوهاً)) ((ويفردونه بالحب والخوف والرجاء .. )).
9. ((والإخبات والتوبة والنذر .... )).
10. ((والطاعة والطلب والتوكل ونحو هذه الأشياء، فإن التوحيد حقيقته: أن ترى الأمور كلها من الله تعالى رؤية تقطع الالتفات عن الأسباب والوسائط، فلا ترى الخير والشر إلا منه تعالى)).
11. (وهذا المقام يثمر التوكل وترك شكاية الخلق وترك لومهم) (والرضا عن الله تعالى والتسليم لحكمه)
12. ((وإذا عرفت ذلك، فاعلم أن الربوبية منه تعالى لعباده والتألَّه من عباده له سبحانه)) والتأله من عباده له سبحانه.
13. ((كما أن الرحمة هي الوُصْلَة بينهم وبينه عز وجل)).
14. ((واعلم أن أنفس الأعمال وأجلها قدراً توحيد الله تعالى)).
15. ((غير أن التوحيد له قشران)).
16. ((ويسمى هذا القول توحيداً)) ((وهو مناقض التثليث الذي تعتقده النصارى)).
17. ((وهذا التوحيد يصدر أيضاً من المنافق الذي يخالف سره جهره)).
18. ((والقشر الثاني: أن لا يكون في القلب مخالفة، ولا إنكار لمفهوم هذا القول بل يشتمل القلب على اعتقاد ذلك. والتصديق به، وهذا توحيد عامة الناس)).
19. ولباب التوحيد: أن يرى الأمور كلها من الله تعالى، ثم يقطع الالتفات عن الوسائط، وأن يعبده سبحانه عباده يفرده بها، ولا يعبد غيره.
20. ويخرج عن هذا التوحيد اتباع الهوى فكل من اتبع هواه فقد اتخذ هواه معبوده قال تعالى: {أفرءيت من اتخذ إلهه هواه}.
21. وإذا تأملت عرفت أن عابد الصنم لم يعبده إنما عبد هواه، وهو ميل نفسه إلى دين آبائه فيتبع ذلك الميل، وميل النفس إلى المألوفات أحد المعاني التي يعبر عنها بالهوى.
22. ((ويخرج عن هذا التوحيد السخط على الخلق))
23. والالتفات إليهم
24. ((فإن من يرى الكل من الله كيف يسخط على غيره))
25. أو يأمل سواه؟ وهذا التوحيد مقام الصديقين.
26. ولا ريب أن توحيد الربوبية لم ينكره المشركون.
27. بل أقروا بأنه سبحانه وحده خالقهم وخالق السموات والأرض، والقائم بمصالح العالم كله، وإنما أنكروا توحيد الإلهية والمحبة.
28. كما قد حكى الله تعالى عنهم.
29. في قوله {ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداد يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله}. فلما سووا غيره به في هذا التوحيد كانوا مشركين، كما قال الله تعالى: {الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون} أي يسوون
30. وقال الله تعالى {وهم برهم يعدلون}. وقد علم الله سبحانه وتعالى عبادة كيف مباينة الشرك في توحيد الألهية، وأنه تعالى حقيق بإفراده ولياً وحكماً وربا، فقال الله تعالى: {قل أغير الله اتخذ ولياً فاطر السموات والأرض} وقال {أفغير الله أبتغي حكما} قال {قل إغير
31. فلا وليَّ ولا حَكَم ولا رَبَّ إلا الله، الذي من عدل به غيره فقد أشرك في ألوهيته ولو وحد ربوبيته.
32. فتوحيد الربوبية هو الذي اجتمعت فيه الخلائق مؤمنها وكافرها.
33. وتوحيد الإلهية مفرق الطرق بين المؤمنين والمشركين.
34. ولهذا كانت كلمة الإسلام لا إله إلا الله، فلو قال لا رب إلا الله لما أجزأه عند المحققين.
35. فتوحيد الألوهية هو المطلوب من العباد
36. ولهذا كان أصل الله الإله كما هو قول سيبويه وهو الصحيح وهو قول جمهور أصحابه إلا من شذ منهم وبهذا الاعتبار الذي قررنا به الإله وأنه المحبوب لاجتماع صفات الكمال فيه.
37. وكلما ذكر تعالى من آياته جملة من الجمل قال عقيبها {أإلاهٌ مع الله} فأبان سبحانه وتعالى بذلك أن المشركين إنما كانوا يتوقفون في إثبات توحيد الإلهية لا الربوبية " على أن منهم من أشرك في ربوبيته كما يأتي بعد ذلك إن شاء الله تعالى وبالجملة فهو تعالى يحتج
38. والملك هو الآمر الناهي.
39. الذي لا يخلق خلقاً بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدىً معطلين لا يؤمرون ولا ينهون، ولا يثابون ولا يعاقبون. فإن الملك هو الآمر الناهي، المعطي المانع، الضار النافع، المثيب المعاقب.
40. ولذلك جاءت الإستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالأسماء الحسنى الثلاثة: (الرب والمك والإله).
41. فإنه لما قال: {قل أعوذ برب الناس} كان فيه إثبات أنه خالقهم وفاطرهم. فبقي أن يقال: لما خلقهم هل كلفهم، وأمرهم ونهاهم؟.
42. قيل نعم فجاء {ملك الناس} فأثبت الخلق والأمر. {ألا له الخلق والأمر}. فلما قيل ذلك، قيل: فإذا كان رباً موجداً وملكاً مكلفا فهل يحب ويرغب إليه، ويكون التوجه إليه غاية الخلق والأمر؟
43. قيل {إله الناس} أي مألوهم، ومحبوبهم، الذي لا يتوجه العبد المخلوق المكلف العابد إلا له، فجاءت الإلهية خاتمة وغاية، وما قبلها كالتوطئة لها.
44. وهاتان السورتان أعظم عوذةٍ في القرآن، وجاءت الإستعاذة بهما وقت الحاجة إلى ذلك.
45. وهو حين سحر النبي - صلى الله عليه وسلم - وخُيّل إليه أنه يفعل الشيء وما فعله.
46. وأقام على ذلك أربعين يوماً.
47. كما في الصحيح. وكانت عقد السحر إحدى عشرة عقدة، فأنزل الله المعوذتين إحدى عشرة آية، فانحلت بكل آية عقدة.
48. وتعلقت الإستعاذة في أوائل القرآن باسمه: ((الإله)).
49. وهو المعبود وحده، لإجتماع صفات الكمال فيه، ومناجاة العبد لهذا ((الإله)) الكامل ذي الأسماء الحسنى.
50. والصفات العليا، المرغوب إليه، في أن يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الحائل بينه وبين مناجاة ربه، ثم انسحب التعلق باسم ((الإله)) في جيمع المواطن الذي يقال فيها ((أعوذ بالله من الشيطان الرحيم)).
51. لأن اسم الله تعالى هو الغاية للأسماء، ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف إلا به، فنقول: الله هو السلام، المؤمن، المهيمن. فالجلالة تعرِّف غيرها، وغيرها لا يعرفها.
52. والذين أشركوا به تعالى في الربوبية منهم من أثبت معه خالقاً آخر إن لم يقولوا إنه مكافئٌ له وهم المشركون ومن ضاهاهم من القدربة.
53. وربوبيته سبحانه للعالم الربوبية الكاملة المطلقة الشاملة تبطل أقوالهم، لأنها تقتضي ربوبيته لجميع ما فيه من الذوات والصفات والحركات والأفعال.
54. وحقيقة قول القدرية المجوسية: أنه تعالى ليس رباً لأفعال الحيوان ولا تتناولها ربوبيته، إذ كيف بتناول مالا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه وشرك الأمم كله نوعان.
55. شرك في الإلهية، وشرك في الربوبية فالشرك في الإلهية والعبادة هو الغالب على أهل الاشراك. وهو شرك عباد الأصنام، وعباد الملائكة، وعباد الجن.
56. وعباد المشايخ والصالحين الأحياء والأموات، الذين قالوا: إنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى ويشفعوا لنا عنده. وينالنا بسبب قربهم من الله وكرامنه لهم قرب وكرامة، كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفى لمن يخدم أعوان الملك وأقاربه وخاصته. والكت
57. وأصله الشرك في محبة الله تعالى.
58. قال تعالى: {ومِنْ النَاسِ مَنْ يَّتخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله والَّذِينَ ءَامَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لله} فأخبر سبحانه: أنه من أحب مع الله شيئاً غيره كما يحبه، فقد اتخذ ندّاً من دونه، وهذا على أصح القولين في الآية: أنه
59. والمعنى على أصح القولين: أنهم يعدلون به غيره في العبادة فيسوون بينه وبين غيره في الحب والعبادة.
60. وكذلك قول المشركين في النار لأصنامهم {تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين}.
61. ومعلوم قطعاً أن هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه ربهم وخالقهم فإنهم كانوا كما أخبر الله عنهم مُقرين بأن الله تعالى وحده هو ربهم وخالقهم وأن الأرض ومن فيها له وحده، وأنه رب السماوات السبع ورب العرش العظيم، وأنه سبحانه هو الذي بيده ملكوت كل ش
62. وإنما كانت هذه التسوية بينهم وبينه تعالى في المحبة والعبادة، فمن أحب غير الله تعالى، خافه ورجاه وذل له كما يحب الله ويخافه ويرجوه: فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله.
63. فكيف بمن كان غير الله أقرب عنده منه، وأحب إليه وأخوف عنده وهو في مرضاته أشد سعياً منه في مرضاة الله؟
64. فإذا كان المسوي بين الله وبين غيره في ذلك مشركاً فما الظن بهذا؟ فعياذاً بالله من أن ينسلخ القلب من التوحيد والإسلام كانسلاخ الحية من قشرها!
65. وهو يظن أنه مسلم موحد فهذا أحد أنواع الشرك. والأدلة الدالة على أنه تعالى يجب أن يكون وحده هو المألوه تبطل هذا الشرك، وتدحض حُجج أهله.
66. وهي أكثر من أن يحيط بها إلا الله تعالى، بل كل ما خلقه الله تعالى، فهو آية شاهدة بتوحيده، وكذلك كل ما أمر به، فخلقه وأمره وما فطر عليه عبادة وركبه فيهم من العقول: شاهد بأنه الله لا إله إلا هو، وأن كل معبود سواه باطل. وأنه هو الله الحق المبين تقدس وتعا
67. والنوع الثاني من الشرك، الشرك به تعالى في الربوبية.
68. وكالفلاسفة ومن تبعهم الذين يقولون بأنه لم يصدر عنه إلا واحد بسيط.
69. وأن مصدر المخلوقات كلها عن العقول والنفوس، وأن مصدر هذا العالم عن العقل الفعَّال، فهو رب كل ما تحته ومدبره.
70. وهذا شر من شرك عباد الأصنام والمجوس والنصارى، وهو أخبث شرك في العالم، إذ يتضمن من التعطيل وجحد إلهيته سبحانه وربوبيته، واستناد الخلق إلى غيره سبحانه مالم يتضمنه شرك أمة من الأمم وشرك القدرية مختصر من هذا. وبابٌ يُدخل منه إليه
71. ولهذا شبههم الصحابة - رضي الله عنهم - بالمجوس، كما ثبت عن ابن عمر و ابن عباس - رضي الله عنهم -.
72. وينفرد أحدهما عن الآخر، والقرآن الكريم، بل الكتب المنزلة من عند الله تعالى كلها مصرحة بالرد على أهل هذا الإشراك، كقوله: {إياك نعبد}
73. فإنه ينفي شرك المحبة والإلهية، وقوله: {وإياك نستعين} فإنه ينفي شرك الخلق والربوبية، فتضمنت هذه الآية تجريد التوحيد لرب العالمين في العبادة.
74. وأنه لا يجوز إشراك غيره معه، لا في الأفعال، ولا في الألفاظ.
75. ولا في الإرادات.
76. فالشرك به في الأفعال.
77. كالسجود لغيره سبحانه، والطواف بغير البيت المحرم، وحلق الرأس عبودية وخضوعاً لغيره.
78. وتقببيل الأحجار غير الحجر الأسود الذي هو يمينه تعالى في الأرض.
79. أو تقبيل القبور واستلامها والسجود لها.
80. وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من اتخذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد يصلى لله فيها، فكيف من اتخذ القبور أوثاناً تعبد من دون الله تعالى، فهذا لم يعلم معنى قول الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ}.
81. وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لعَن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
82. وفيه عنه أيضا، (إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد).
83. وفيه أيضاً عنه - صلى الله عليه وسلم -: (إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك).
84. وفي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن حبان عنه - صلى الله عليه وسلم -: (لعن الله زُوَّاراتِ القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج).
85. وقال - صلى الله عليه وسلم - (اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
86. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (إن من كان قبلكم كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله).
87. والناس في هذا الباب ـ أعني زيارة القبور ـ ثلاثة أقسام.
88. ـ قوم يزورون الموتى فيدعون لهم وهذه هي الزيارة الشرعية.
89. ـ وقوم يزورونهم فيدعونهم أنفسهم.
90. وقد قال النبي: - صلى الله عليه وسلم - (اللهم لا تجعل قبر يوثناً يُعبد).
91. حتى نهى عن الصلاة في هذين الوقتين لكونها ذريعة إلى التشبه بعُبَّاد الشمس الذين يسجدون لها في
92. لاتصال هذين الوقتين بالوقتين اللذين يسجد المشركون فيهما للشمس.
93. وأما السجود لغير الله فقال عليه الصلاة: والسلام ((لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد إلا لله)).
94. ولا ينبغي في كلام الله ورسوله إنما يستعمل للذي هو في غاية الامتناع كقوله تعالى: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولداً}، وقوله تعالى: {وما علمناه الشعر وما ينبغي له} وقوله تعالى: {وما تنزلت به الشياطين * وما ينبغي لهم} وقوله تعالى: {ما كان ينبغي لنا أن نتخذ
95. ومن الشرك بالله تعالى المباين لقوله تعالى: {إيَّاكَ نعْبُدُ}، الشرك به في اللفظ، كالحلف بغيره كما رواه الإمام أحمد وأبو داود عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من حلف بغير الله فقد أشرك) صححه الحاكم وابن حبان.
96. قال: ابن حبان أخبرنا الحسن بن سفيان ثنا عبد الله بن عمر الجعفي ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن الحسن بن عبيد الله النخعي عن سعد بن عبيدة قال: كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما فحلف رجلٌ بالكعبة فقال: ابن عمر رضي الله عنهما: ويحك لا تفعل إني سمعت رسول الله -
97. ومن الإشراك قول القائل لأحدٍ من الناس: ما شاء الله وشئت كما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال له رجل ((ما شاء الله وشئت)) قال ((أجعلت لله ندا؟ قل ما شاء الله وحده)).
98. وأنا في حسب الله وحَسَبك، ومالي إلا الله وأنت، وهذا من الله ومنك، وهذا من بركات الله وبركاتك. والله لي في السماء وأنت لي الأرض.
99. وازن بين هذه الألفاظ الصادرة من غالب الناس اليوم وبين ما نهى عنه من: ما شاء الله وشئت ثم انظر أيها أفحش؟! يتبين لك أن قائلها أولى بالبعد من {إياك نعبد} وبالجواب من النبي - صلى الله عليه وسلم - لقائل تلك الكلمة وأنه إذا كان قد جعل رسول الله - صلى الله
100. وبالجملة فالعبادة المذكورة في قوله: {إياك نعبد} هي السجود والتوكل، والإنابة، والتقوى، والخشية، والتوبة والنذور، والحلف والتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد
101. وأما الشرك في الإرادات والنيات، فذلك البحر الذي لا ساحل له وقل من ينجو منه فمن نوى بعمله غير وجه الله تعالى فلم يقم بحقيقة قوله {إياك نعبد}.
102. فإن {إياك نعبد} هي الحنيفية.
103. ملة إبراهيم التي أمر الله بها عباده كلهم، ولا يقبل من أحدٍ غيرها، وهي حقيقة الإسلام {ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يُقبل منه وهو في الآخرةِ من الخاسرين} فاستمسك بهذا الأصل ورد ما أخرجه المبتدعة والمشركون إليه تحقق معنى الكلمة الإلهية.
104. فلم كان هذا القدر موجباً لسخط الله تعالى وغضبه، ومخلداً في النار وموجباً لسفك دماء أصحابه واستباحة حريمهم وأموالهم؟! وهل يجوز في العقل أن يشرع الله تعالى لعباده التقرب إليه بالشفعاء
105. وما السر في كونه لا يغفر من بين سائر الذنوب؟ كما قال تعالى {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما}.
106. فأما الشرك الثاني: فهو الذي فرغنا من الكلام فيه وأشرنا إليه الآن وسنشبع الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
107. والشرك والتعطيل متلازمان، فكل مشرك معطل، وكل معطل مشرك.
108. ومنه شرك معطله الأسماء والصفات كالجهمية.
109. والقرامطة، وغلاة المعتزلة.
110. النوع الثاني شرك التمثيل.
111. وهو شرك من جعل معه تعالى إلها آخر، كالنصارى في المسيح، واليهود في عزيز.
112. والمجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى الظلمة، وشرك القدرية المجوسية مختصر منه وهؤلاء أكثر مشركي العالم، وهم طوائف جمة.
113. منهم من يعبد أجزاء سماوية، ومنهم من يعبد أجزاء أرضية.
114. ومن هؤلاء من يزعم أن معبوده أكبر الآلهة.
115. ومنهم يزعم أنه إله من جملة الآلهة. ومنهم من يزعم أنه إذا خصه بعبادته والتبتل إليه أقبل عليه واعتنى به. ومنهم من يزعم أن معبوده الأدنى يقربه إلى الأعلى الفوقاني.
116. والفوقاني إلى يقربه إلى من هو فوقه، حتى تقربه تلك الآلهة إلى لله سبحانه وتعالى، فتارة تكثر الواسائط وتارة تقل.
117. فإذا عرفت هذه الطوائف وعرفت اشتداد نكير الرسول - صلى الله عليه وسلم - على من أشرك به تعالى في الأفعال والأقوال والإرادات كما تقدم ذكره!
118. (وهي التفرد بملك الضر والنفع والعطاء والمنع) فمن علق ذلك بمخلوق فقد شبهه بالخالق تعالى وسوّى بين التراب ورب الأرباب فأي فجور وذنب أعظم من هذا.
119. واعلم أن من خصائص الإلهية الكمال المطلق من جميع الوجوه الذي لا نقص فيه بوجه من الوجوه وذلك يوجب أن تكون العبادة له وحده عقلاً وشرعاً وفطرة فمن جعل ذلك لغيره فقد شبه الغير بمن لا شبيه له ولشدة قبحه وتضمنه غاية الظلم: أخبر من كتب على نفسه الرحمة أنه لا
120. ومن خصائص الإلهية: العبودية التي لا تقوم إلا على ساقي الحب والذل فمن أعطاهما لغيره فقد شبهه بالله سبحانه وتعالى في خالص حقه وقبح هذا مستقر في العقول والفطر.
121. لكن لما غيرت الشياطين فطر أكثر الخلق واجتالتهم عن دينهم وأمرتهم أن يشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً كما روى ذلك عن الله أعرف الخلق به وبخلقه عموا عن قبح الشرك حتى ظنوه حسناً ومن خصائص الألوهية السجود فمن سجد لغيره فقد شبهه به.
122. ومنها التوكل، فمن توكل على غيره فقد شبهه به، ومنها التوبة فمن تاب لغيره فقد شبهه به.
123. ومنها: الحلف باسمه تعظيماً فمن حلف بغيره فقد شبهه به.
124. ومنها الذبح له: فمن ذبح لغيره فقد شبهه به.
125. ومنها حلق الرأس إلى غير ذلك. هذا في جانب التشبيه وأمافي جانب التشبه فمن تعاظم وتكبر ودعا الناس إلى إطرائه ورجائه ومخافته فقد تشبه بالله ونازعه في ربوبتية وهو حقيق بأن يهينه الله غاية الهوان، ويجعله كالذر تحت أقدام خلقِهِ.
126. وفي الصحيح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (يقول الله عز وجل: العظمة إزاري والكبرياء ردائي، فمن نازعني في واحدٍ منهما عذبته).
127. وإذا كان المصور الذي يصنع الصور بيده من أشد الناس عذاباً يوم القيامة لتشبهه بالله في مجرد الصنعة، فما الظن بالمتشبه بالله في الربوبية والإلهية؟.
128. وكذلك من تشبه به تعالى في الاسم الذي لا ينبغي إلا له كملك الملوك، وحاكم الحكام، وقاضي القضاة، ونحوه.
129. وأخذ ما لا ينبغي أن يكون إلا له، فأشرك معه سبحانه فيه غيره، فبخسه سبحانه حقه، فهذا قبيح عقلاً وشرعاً. ولذلك لم يشرع، ولم يغفره فاعلمه.
130. واعلم أن الذي ظن أن الرب سبحانه لا يسمع له، أولا يستجيب له إلا بواسطة تُطلعه على ذلك، أو تسأل ذلك منه فقد ظن بالله ظن السوء.
131. فإنه إن ظن أنه لا يعلم، أولا يسمع إلا بإعلام غيره له وإسماعه فذلك نفي لعلم الله ولسمعه وكمال إدراكه، وكفى بذلك ذنبا.
132. وإن ظن أنه يسمع ويرى ولكن يحتاج إلى من يُلَيِّنُهُ ويُعَطِّفُهُ عليهم فقد أساء الظن بأفضال ربه وبره وإحسانه وسعة جوده، وبالجملة فأعظم الذنوب عند الله تعالى إساءة الظن به ولهذا يتوعدهم في كتابه على إساءة الظن به أعظم وعيد، كما قال تعالى: {الظانين بالل
133. وغضب الله عليهم ولعنهم وأُعدَّ لهم جهنَّم وساءت مصيرا}.
134. أي: فما ظنكم أن يجازيكم إذا عبدتم معه غيره، وظننتم أنه يحتاج في الاطلاع على ضرورات عباده لمن يكون بابا ًللحوائج إليه ونحو ذلك؟.
135. وهذا بخلاف الملوك فإنهم محتاجون إلى الوسائط ضرورة لحاجتهم وعجزهم وضعفهم وقصور علمهم عن إدراك حوائج المضطرين.
136. فأما من لا يشغله سمعٌ عن سمع، وسبقت رحمته غضبه، وكتب على نفسه الرحمة، فما تصنع الوسائط عنده؟.
137. واعلم أن الخضوع والتأله الذي يجعله العبد لتلك الوسائط قبيح في نفسه كما قررناه لاسيما إذا كان المجعول له ذلك عبداً للملك العظيم الرحيم القريب المجيب ومملوكاً له كما قال تعالى: {ضرب لكم مثلاً من أنفسكم.
138. هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء، في ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم} أي إذا كان أحدكم يأنف أن يكون مملوكه شريكه في رزقه فكيف تجلعون لي من عبيدي شركاء فيما أنا منفرد به، وهو الإلهية التي لا تنبغي لغيري، ولا تصلح لسواي، فمن زعم ذلك
139. إلى أن قال: {ما قدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز}.
140. سبحانه (1) وتعالى عما يشركون} (2).
141. واعلم أنك إذا تأملت جميع طوائف الضلال والبدع وجدت أصل ضلالهم راجعاً إلى شيئين.
142. قلم يقدره حق قدره من ظن أنه لم يرسل رسولاً، ولا أنزل كتاباً، بل ترك الخلق سدىً وخلقهم عبثا
143. ولا قدره حق قدره من نفى عموم قدرته، وتعلقها بأفعال عباده من طاعاتهم ومعاصيهم، وأخرجها عن خلقه وقدرته.
144. ولا قدر الله حق قدره أضداد هؤلاء الذين قالوا: إنه يعاقب عبده على ما لم يفعله بل يعاقبه على فعله هو سبحانه.
145. وإذا استحال في العقول أن يجبر السيد عبده على فعل ثم يعاقبه عليه، فكيف يصدر هذا من أعدل العادلين؟
146. ومحبته ورضاه
147. وغضبه، وحكمته مطلقا وحقيقة فعله، ولم يجعل له فعلاً اختيارياً، بل أفعاله مفعولاته منفصلة عنه
148. ولا قدره حق قدره من جعل له صاحبة وولداً أو جعله يَحِلَ في مخلوقات أو جعله عين هذا الوجود. ولا قدره حق قدره من قال: إنه رفع أعداء رسوله وأهل بيته، وجعل فيهم الملك، ووضع أولياء رسوله وأهل بيته، وهذا يتضمن غاية القدح في الرب، تعالى الله عن قول الرافضة.
149. وهذا مشتق من قول اليهود والنصارى في رب العالمين إنه أرسل ملكاً ظالماً فادعى النبوة وكذب على الله ومكث زمناً طويلاً يقول أمرني بكذا ونهاني عن كذا ويستبيح دماء أنبياء الله وأولياءه وأحبابه والرب تعلى يظهره ويؤيده ويقيم الأدلة والمعجزات على صدقه ويقبل ب
150. وبالجملة فهذا بابٌ واسع
151. والمقصود: أن كل من عبد مع الله غيره فإنه عبد شيطاناً، قال تعالى: {ألم اعهد إليكم بابني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عبدو مبين}
152. فما عبد أحدٌ أحداً من بني آدم كائناً من كان إلا وقعت عبادته للشيطان فيستمتع العابد بالمعبود في حصول غرضه، ويسمتع المعبود بالعابد في تعظيمه له، وإشراكه مع الله تعالى، وذلك غاية رضى الشيطان ولهذا قال تعالى: {ويوم يحشرهم جميعا يامعشر الجن قد استكثرتم من
153. وأنه ليس تحريمه وقبحه لمجرد النهي عنه فقط بل يستحيل على الله سبحانه وتعالى أن يشرع عبادة إله غيره كما يستحيل عليه ما يناقض أوصاف كماله ونعوت جلاله.
154. واعلم أن الناس
155. في عبادة الله والاستعانة به.
156. على أربعة أقسام:- أجلها وأفضلها: أهل العبادة والاستعانة بالله عليها فعبادة الله غاية مرادهم وطلبهم منه أن يعينهم عليها و يوفقهم للقيام بها نهاية مقصودهم، ولهذا كان أفضل مايسأل الرب تعالى: الإعانة على مرضاته
157. وهو الذي علمه النبي - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ بن جبل فقال: (يا معاذ، والله أني أحبك فلا تدع أن تقول في دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك).
158. فأنفع الدعاء طلب العون على مرضاته تعالى.
159. ويقابل هؤلاء القسم الثاني: المعرضون عن عبادته والاستعانة به فلا عبادة لهم ولا استعانة، بل إن سأله تعالى ـ أحدهم واستعان به فعلى حظوظه وشهواته.
160. والله سبحانه وتعالى يسأله من في السماوات والأرض، ويسأله أولياؤه وأعداؤه فيمد هؤلاء وهؤلاء وأبغض خلقه إليه إبليس ومع هذا أجاب سؤاله وقضى حاجته ومتعه بها.
161. ولكن لما لم تكن عوناً على مرضاته كانت زيادةً في شقوته وبعده، وهكذا كل من سأله تعالى واستعان به على ما لم يكن عوناً له على طاعته كان سؤاله مبعداً له عن الله.
162. فليتدبر العاقل هذا، وليعلم أن إجابة الله لسؤال بعض السائلين ليست لكرامته عليه بل قد يسأله عبده الحاجة فيقضيها له وفيها هلاكه، ويكون منعه منها حماية له وصيانة.
163. والمعصوم من عصمه الله والإنسان على نفسه بصيرة
164. ولقد كشف الله تعالى هذا المعنى غاية الكشف في قوله تعالى: {فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن * وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن * كلا}.
165. أي: ليس كل من أعطيته ونعمته وخولته، فقد أكرمته، وماذاك لكرامته عليّ، ولكنه ابتلاء مني وامتحان له أيشكرني فأعطيه فوق ذلك، أم يكفرني فأسلبه إياه وأحوله عنه لغيره؟.
166. وليس كل من ابتليته فضيقت عليه رزقه، وجعلته بقدر لا يفضل عنه فذاك من هوانه عليَّ ولكنه ابتلاء وامتحان مني له أيصبر فأعطيه أضعاف ما فاته؟ أم يتسخط فيكون حظه السخط.
167. القسم الثالث: من له نوع عبادة بلا استعانة وهؤلاء نوعان أحدهما أهل القدر.
168. القائلون بأنه سبحانه وتعالى قد فعل بالعبد جميع مقدوره من الألطاف، وأنه لم يبق في مقدروه إعانة له على الفعل، فإنه قد أعانه بخلق الآلات وسلامتها وتعريف الطريق، وإرسال الرسول وتمكينه من الفعل، فلم يبق بعدها إعانة مقدورة يسأله إياها.
169. وهؤلاء مخذولون، موكولون إلى أنفسهم، مسدود عليهم طريق الاستعانة والتوحيد، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ((الإيمان بالقدر نظام التوحيد فمن آمن بالله وكذَّب بقدره نقض تكذيبه توحيد)).
170. النوع الثاني: من لهم عبادة وأوراد لكم حظهم ناقص من التوكل والإستعانة، لم تتسع قلوبهم لارتباط الأسباب بالقدر، وأنها بدون المقدور كالموات الذي لاتأثير له، بل كالعدم الذي لا وجود له، وأن القدر كالروح المحرك لها، والمعول على المحرك الأول، فلم تنفذ بصائره
171. فإن قيل: ما حقيقة الاستعانة عملا؟. قلنا هي التي يعبر عنها بالتوكل وهي حالة للقلب تنشأ عن معرفة الله تعالى. وتفرده بالخلق والأمر والتدبير والضر والنفع، وأنه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، فتوجب اعتماداً عليه وتفويضاً إليه وثقةً به.
172. فتصير نسبة العبد إليه تعالى كنسبة الطفل إلى أبويه فيما ينوبه من رغبته ورهبته، فلو دهمه ما عسى أن يدهمه من الآفات لم يلتجئ إلى غيرهما. فإن كان العبد مع هذا الاعتماد من أهل التقوى كانت له العاقبة الحميدة.
173. {ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه} أي كافيه.
174. القسم الرابع: من له استعانة بلاعبادة، وتلك حالة من شهد تفرد الله بالضر والنفع، ولم يدر ما يحبه ويرضاه فتوكل عليه في حظوضه فأسعفه بها. وهذا لا عاقبة له سواء كانت أموالاً أو رياسات أو جاهاً عند الخلق، أو نحو ذلك، فذلك حظه من دنياه وآخرته.
175. واعلم أن العبد لا يكون متحققاً بعبادة الله تعالى إلا بأصلين أحدهما متابعة الرسول - صلى الله عليه وسلم -. والثاني: إخلاص العبودية. والناس في هذين الأصلين أربعة أقسام:
176. 1 - أهل الإخلاص والمتابعة، فأعمالهم كلها لله وأقوالهم، ومنعهم وإعطاؤهم وحبهم وبغضهم كل ذلك لله تعالى، لا يريدون من العباد جزاءً ولا شكوراً، عَدُّوا الناس كأصحاب القبور لا يملكون ضراً ولا نفعاً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً، فإنه لايعامل أحداً من الخ
177. والإخلاص هو العمل الذي لا يتقبل الله من عاملٍ عملاً صواباً عارياً منه وهو الذي ألزم عباده به إلى الموت.
178. قال تعالى: {ليبلوكم أيكم أحسنُ عملا}
179. وقال {إنا جعلنا ما على الأرض زينةً لها لنبلوهم أيهم أحسن عملاً}، وأحسن العمل أخلصه وأصوبه فالخالص أن يكون لله والصواب أن يكون على وفق سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
180. وهو العمل الحسن في قوله تعالى: {ومن أحسنُ ديناً ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}.
181. وهو الذي أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: (كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد).
182. وكل عمل بلا متابعة فإنه لا يزيد عامله إلا بعداً من الله، فإن الله تعالى إنما يُعبد بأمره لا بالأهواء والآراء.
183. 2 - الضرب الثاني: من لا إخلاص له ولا متابعة، وهؤلاء شرار الخلق. وهم المتزينون بأعمال الخير يراءون بها الناس، وهذا الضرب يكثر فيمن انحرف عن الصراط المستقيم من المنتسبين إلى الفقه والعلم والفقر والعبادة، فإنهم يرتكبون البدع والضلال والرياء والسمعة، ويح
184. وفي أضراب هؤلاء نزل قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفارةٍ من العذاب ولهم عذابٌ أليم}.
185. والشأن ليس في عبادة الله فقط، بل في عبادة الله كما أراد الله، ومنهم من يمكث في خلوته تاركاً للجمعة ويرى ذلك قربة، ويرى مواصلة صوم النهار بالليل قربةً. وأن صيام يوم الفطر قربة، وأمثال ذلك.
186. 4 - الضرب الرابع: من أعماله على متابعة الأمر لكنها لغير الله تعالى، كطاعات المرائين وكالرجل يقاتل رياء وسمعة وحمية وشجاعة.
187. وللمغنم، ويحج ليقال، ويقرأ ليقال، ويَعْلَمُ ويُعَلِّم ليقال.
188. فهذا أعمال صالحة لكنها غير مقبولة، قال تعالى: {وما أُمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء}. فلم يؤمر الناس إلا بالعبادة على المتابعة والإخلاص فيها، والقائم بهما هم أهل {إياك نعبد وإياك نسعين}.
189. ثم أهل مقام {إياك نعبد} لهم في أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالإيثار والتخصيص أربعة طرق، وهم في ذلك أربعة أصناف.
190. الصنف الأول: عندهم أنفع العبادات وأفضلها: أشقها على النفوس وأصعبها.
191. قالوا لأنه أبعد الأشياء من هواها، وهو حقيقة التعبد.
192. والأجر على قدر المشقة، ورووا حديثاً ليس له أصل: ((أفضل الأعمال أحمزها)) أي أصعبها وأشقها.
193. وهؤلاء هم أرباب المجاهدات والجور على النفوس، قالوا: وإنما تستقيم النفوس بذلك، إذا طبعها الكسل والمهانة والإخلاد إلى الراحة، فلا تستقيم إلا بركوب الأهوال وتحمل المشاق.
194. والصنف الثاني: قالوا: أفضل العبادات وأنفعها التجرد والزهد في الدنيا والتقلل منها غاية الإمكان، واطراح الإهتمام بها وعدم الإكتراث لما هو منها.
195. ثم هؤلاء قسمان فعوامهم ظنوا أن هذا غاية فشمروا إليه وعملوا عليه وقالوا هو أفضل من درجة العلم والعبادة. ورأوا الزهد في الدنيا غاية كل عبادة ورأسها.
196. وخواصهم رأوا هذا مقصوداً لغيره، وأن المقصود به عكوف القلب على الله تعالى، والاستغراق في محبته، والإنابة إليه، والتوكل عليه حقيقة التوكل والاشتغال بمرضاته، فرأوا أفضل العبادات دوام ذكره بالقلب واللسان.
197. ثم هؤلاء قسمان، فالعارفون إذا جاء الأمر والنهي بادروا إليه ولو فرقهم وأذهب جمعيتهم.
198. والمنحرفون منهم يقولون المقصود من القلب جمعيته، فإذا جاء ما يعرفه عن الله لم يلتفت إليه ويقولون:
199. ثم هؤلاء قسمان: منهم يترك الواجبات والفرائض لجمعيته، ومنهم من يقوم بها ويترك السنن والنوافل وتعلم العلم النافع لجمعَّيته
200. والحق: أن الجمعية حظ القلب، وإجابة داعي الله حق الرب، فمن آثر حق نفسه على حق ربه فليس من العبادة في شيء.
201. الصنف الثالث: رأوا أن أفضل العباداتِ ما كان فيه نفع متعدٍ، فرأوه أفضل من النفع القاصر، فرأوا خدمة الفقراء والاشتغال بمصالح الناس وقضاء حوائجهم ومساعدتهم بالجاه والمال والنفع أفضل لقوله - صلى الله عليه وسلم - (الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لع
202. وقد قال - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خيرٌ لك من حُمُر النعم).
203. وقال - صلى الله عليه وسلم -: (من دعا إلى هدىً كان له من الأجر مثل أجر من تبعه من غير أن ينقص من أجورههم شئيا)، وقال: (إن الله وملائكته يصلون معلمي الخير). وقال: (إن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في البحر والنملة في جحرها).
204. قالوا: وصاحب العبادة إذا مات انقطع عمله، وصاحب النفع لا ينقطع عمله مادام نفعه الذي تسبب فيه.
205. والأنبياء عليهم الصلاة والسلام إنما بُعثوا بالإحسان إلى الخلق، وهدايتهم، ونفعهم في معاشهم ومعادهم، لم يبعثوا بالخلوات والانقطاع، ولهذا أنكر النبي - صلى الله عليه وسلم - على أولئك النفر الذين همّوا بالإنقطاع والتعبد وترك مخالطة الناس. ورأى هؤلاء أن ال
206. قالوا: ومن ذلك العلم والتعليم ونحو هذه الأمور الفاضلة. الصنف الرابع: قالوا أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب سبحانه واشتغال كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته، فأفضل العبادات في وقت الجهاد، الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار
207. والأفضل في وقت حضور الضيف: القيام بحقه والاشتغال به.
208. والأفضل في أوقات الصلوات الخمس: الجد والاجتهاد في إيقاعها على أكمل الوجوه.
209. والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى المسجد وإنْ بَعُدَ.
210. والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج: المبادرة إلى مساعدته بالجاه والمال والبدن، والأفضل في السفر: مساعدة المحتاج وإعانة الرفقة، وإيثار ذلك على الأوراد والخلوة.
211. والأفضل في وقت قراءة القرآن جمعية القلب، والهمة على تدبره والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك.
212. والأفضل في وقت الوقوف بعرفة الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر.
213. والأفضل في العشر الأواخر من رمضان لزوم المساجد والخلوة فيها مع الاعتكاف والإعراض عن مخالطة الناس والاشتغال بهم حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم وإقرائهم القرآن عند كثير من العلماء
214. والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته: عبادته وحضور جنازته وتشييعه وتقديم ذلك على خلواتك وجمعتك.
215. والمؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم.
216. وخلطتهم في الخير وأفضل من عزلتهم فيه، وعزلتهم في الشر خير من خلطتهم فيه، فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله وقلله فخلطتهم خير من اعتزالهم.
217. إن رأيت العلماء رأيته معهم، وكذلك في الذاكرين والمتصدقين، و أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله، فهذا هو الغذاء الجامع للسائر إلى الله في كل طريق والوافد عليه مع كل فريق.
218. ويغنم بن سالم وإن تُكلم فيه لكن تابعه سلمة بن وردان. وله أصل صحيح من حديث مالك عن محمد بن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (من أنفق زوجين في سبيل الله نودي في الجنة: يا عبد الله
219. هكذا رواه عن مالك موصولاً مسنداً يحيى بن يحيى ومعن بن عيسى وعبد الله بن المبارك، ورواه يحيى بن بكير وعبد الله بن يوسف عن مالك عن ابن شهاب عن حُميد مرسلاً (1)، وليس هو عند القعنبي مرسلاً ولا مسنداً (2). ومعنى قوله: ((من أنفق زوجين)) يعني شيئين من نوع
220. وإنما أراد ـ والله أعلم ـ أقل التكرار، وأقل وجوه المداومة على العمل من أعمال البر، لأن الاثنين أقل الجمع (1).
221. واعلم أن الناس في منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرق أربعة، وهم في ذلك أربعة أصناف (1).
222. الصنف الأول: نفاة الحِكَم والتعليل، الذين يردون الأمر إلى نفس المشيئة وصرف الإرادة (1)، فهؤلاء عندهم القيام بها ليس إلا لمجرد الأمر من غير أن يكون سبباً لسعادة في معاش ولا معاد ولا سبباً لنجاة، وإنما القيام بها لمجرد الأمر ومحض المشيئة (2).
223. كما قالوا في الخلق: لم يخلق لغاية (1)، ولا لعلة هي المقصودة به (2)، ولا لحكمه تعود إليه منه (3)، وليس في المخلوقات أسباب تكون مقتضيات لمسبباتها، وليس في النار سبب للإحراق (4)، ولا في الماء قوة الإغراق ولا التبريد.
224. وهكذا الأمر عندهم سواء لا فرق بين الخلق والأمر (1)، ولا فرق في نفس الأمر بين المأمور والمحظور (2).
225. ولكن المشيئة اقتضت أمره بهذا ونهيه عن هذا من غير أن يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسنه و لا بالمنهي عنه صفة تقتضي قبحه ولهذا الأصل لوازم وفروع كثيرة (2)، وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة العبادة ولا لذتها ولا يتنعمون بها (3).
226. ولهذا يسمون الصلاة والصيام والزكاة والحج والتوحيد والإخلاص ونحو ذلك تكاليف أي كلفوا بها (1)، ولو سمى مدعي محبة ملك من الملوك أو غيره ما يأمره به: تكليفاً لم يعد محباً له (2). وأول من صدرت عنه هذه المقالة: ((الجعد بن درهم)) (3).
227. الصنف الثاني: القدرية النفاة، الذين يثبتون نوعا من الحكمة والتعليل لا يقوم بالرب ولا يرجع إليه، بل يرجع لمحض مصلحة المخلوق ومنفعته (1).
228. فعندهم (1) أن العبادات شرعت أثماناً لما يناله العباد من الثواب والنعيم، وأنها بمنزلة استيفاء الأجير أجره (2).
229. قالوا: ولهذا يجعلها سبحانه عوضاً كقوله: {ونودوا أنْ تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون} (1) {هل تجزون إلا ما كنتم تعملون} {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} {إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب} (2)، وفي الصحيح إنما هي أعمالكم أحصيها عليكم ثم أوفيكم إيا
230. وهاتان الطائفتان (1) متقابلتان (2)، فالجبرية لم تجعل للأعمال ارتباطاً بالجزاء ألبتة وجوَّزت أن يعذِّب الله من أفنى عُمَره في الطاعة ويُنعِّم من أفنى عمره في مخالفته، وكلاهما سواء بالنسبة إليه، والكل راجع إلى محض المشيئة (3) والقدرية أوجبت عليه سبحانه
231. والطائفتان منحرفتان (1).عن الصراط المستقيم، وهو: (2) أن الأعمال أسباب موصلة إلى الثواب (3)، والأعمال الصالحات من توفيق الله تعالى وفضله، وليست قَدْراً لجزائه وثوابه (4)، بل غايتها إذا وقعت على أكمل الوجوه (5)، أن تكون شكراً على أحد الأجزاء القليلة من
232. وتأمل قوله تعالى: {وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون} مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله) (1) تجد الآية تدل على أن الجنان بالأعمال، والحديث ينفي دخول الجنة بالأعمال، ولا تنافي بينهما (2).
233. لأن توارد النفي والإثبات ليس على محل واحد (1)، فالمنفيُّ باء الثمنية (2) واستحقاق الجنة بمجرد الأعمال رداً على القدرية المجوسية التي زعمت أن التفضل بالثواب ابتداءً متضمن لتكرير المنة (3).
234. والباء المثبتة التي وردت في القرآن هي باء السببية، رداً على القدرية الجبرية الذين يقولون: لا ارتباط بين الأعمال وجزائها (1) ولا هي أسباب لها، وإنما غايتها أن تكون أمارة.
235. فإنها ارتكبت لأجله من نوعاً الباطل (1). بل أنواعاً فهدى الله أهل السنة لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه.
236. الصنف الثالث: الذين زعموا أن فائدة العبادة رياضة النفوس واستعدادها لفيض العلوم المعارف عليها (1)
237. وخروج قواها من قوى النفس السبعية والبهيمية، فلو عطلت العبادة لالتحقت بنفوس السباع والبهائم (1)، فالعبادة تخرجها إلى مشابهة العقول (2)، فتصير قابلة لانتقاش صور المعارف فيها (3).
238. وهذا يقوله طائفتان (1)، أحدهما: من يقرب من الإسلام والشرائع (2) من الفلاسفة القائلين بقدم العالم وعدم الفاعل المختار (3).
239. والطائفة الثانية: من تفلسف من صوفية الإسلام (1)، ويقرب إلى الفلاسفة فإنهم يزعمون أن العبادات رياضات لاستعداد النفوس للمعارف العقلية ومخالفة العوائد (2).
240. ثم من هؤلاء من لا يوجب العبادة إلا بهذا المعنى.
241. فإذا حصل لها ذلك (1)، بقي متحيراً في حفظ أوراده، والاشتغال بالوارد عنها (2).
242. ومنهم من يوجب القيام بالأوراد وعدم الإخلال بها وهم صنفان أيضاً: أحدهما من يقول بوجوبها حفظاً للقانون، وظبطاً للناموس (1).
243. والآخرون: يوجبونها حفظاً للوارد، وخوفاً من تدرج النفس بمفارقتها إلى حالتها الأولى من البهيمية (1) فهذه نهاية إقدامهم في حكمة العبادة وما شرعت لأجله ولا تكاد تجد في كتب المتكلمين على طريق السلوك غير طريق من هذه الطرق الثلاثة أو مجموعها.
244. فعندهم أن سر العبادة وغايتها مبنيٌ على معرفة حقيقة الإلهية (1)، ومعنى كونه سبحانه إلهاً (2).
245. وأن العبادة موجب الإلهية وأثرها ومقتضاها وارتباطها كارتباط متعلق الصفات بالصفات، وكارتباط المعلوم بالعلم، والمقدور بالقدرة، والأصوات بالسمع والإحسان بالرحمة، والعطاء بالجود (1).
246. وقال تعالى: {وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق} (1).: {وخلق الله السموات والأرض بالحق ولتجزى كل نفس بما كسبت} (2).
247. فأصل العبادة محبة الله، بل إفراده تعالى بالمحبة، فلا يحب معه سواه (1)، وإنما يحب ما يحبه لأجله وفيه، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته (2)، لأن محبتهم من تمام محبته، وليست كمحبة من اتخذ من دونه أنداداً يحبهم كحبه (3)، وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديت
248. ولهذا جعل سبحانه اتباع رسوله - صلى الله عليه وسلم - علماً عليها وشاهداً لها كما قال تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} (1) فجعل اتباع رسوله مشروطاً بمحبتهم لله تعالى (2)، وشرطاً لمحبة الله لهم، ووجود المشروط بدون تحقق شرطه ممتنع (3).
249. فعلم انتفاء المحبة عند انتفاء المتابعة للرسول - صلى الله عليه وسلم - (1)، ولا يكفى ذلك حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما (2)، ومتى كان عنده شيء أحب إليه منهما فهو الإشراك الذي لا يغفره الله (3).
250. وكل من قدم قول غير الله على قول الله، أو حكم به، أو حاكم إليه، فليس ممن أحبه (1).
251. لكن قد يشتبه الأمر على من يقدِّم قول أحد، أو حكمه أو طاعته على قوله (1)، ظناً منه أنه لا يأمر، ولا يحكم، ولا يقول إلا ما قاله الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيطيعه، ويحاكم إليه ويتلقَّى أقواله كذلك فهذا معذور إذا لم يقدر على غير ذلك (2).
252. وكل ما يُتَعلل به من عدم العلم، أو عدم الفهم، أو عدم إعطاء آلة الفقه في الدين، أو الاحتجاج بالأشباه والنظائر، أو بأن ذلك المتقدم كان أعلم مني بمراده - صلى الله عليه وسلم - فهي كلها تَعَلُلات لا تفيد (1).
253. هذا مع الإقرار بجواز الخطأ على غير المعصوم، إلا أن ينازع في هذه القاعدة فتسقط مكالمته، وهذا هو داخلٌ تحت الوعيد.
254. فإن استحل مع ذلك ثلبَ من خالفه، وقرْض عرضه ودينه بلسانه أو انتقل من هذا إلى عقوبته، أو السعي في أذاه، فهو من الظلمة المعتدين ونواب المفسدين (1).
255. واعلم أن للعبادة أربع قواعد وهي: (1) التحقق بما يحب الله ورسوله ويرضاه (2)، وقيام ذلك بالقلب واللسان والجوارح (3).
256. فالعبودية: اسم جامع لهذه المراتب الأربع (1)، فأصحاب العبادة حقاً هم أصحابها (2)، فقول القلب: هو اعتقاد ما أخبر الله عن نفسه (3)، وأخبر رسوله عن ربه من أسمائه وصفاته وأفعاله وملائكته ولقائه وما أشبه ذلك (4)، وقول اللسان: الإخبار عنه بذلك، والدعاء إليه
257. وعمل القلب: كالمحبة له، والتوكل عليه، والإنابة والخوف، والرجاء والإخلاص، والصبر على أوامره ونواهيه، وأقداره، والرضا به وله وعنه، والموالاة فيه، والمعاداة فيه، والإخبات إليه، والطمأنينة به، ونحو ذلك من أعمال القلوب التي فرضُها آكد من فرض أعمال الجوارح
258. كالصلاة، والجهاد، وصلة الأرحام، ونقل الأقدام إلى الجمع والجماعات، ومساعدة العاجز والإحسان إلى الخلق (1)،ونحو ذلك فقول العبد في صلواته: {إياك نعبد} التزام أحكام هذه الأربعة وإقرار بها (2).
259. والله الموفق بمنه وكرمه (1)، والحمد لله وحده (2)، وصلى الله على من لا نبي بعده (3)، وآله (4)، وصحبه (5)، ووارثيه وحزبه (6).
عرض المزيد...
...عرض ملخص
أجزاء الكتاب (1)
شرح تجريد التوحيد للمقريزي
المجلد (1)
تفاصيل الكتاب
الصفحات:
381
المشاهدات:
442
التنزيلات:
455
التاريخ:
15 أكتوبر 2019
آخر تحديث:
8 نوفمبر 2022
المؤلفون (1)
سليمان بن ناصر العلوان
الكتب