47ـ هل من حقِّ البِنْت إبداء الرأي في الرّجُل المتقدِّم لزواجِها؟
نعم.. من حقِّ البنت أن تُبديَ رأيَها في الرجل الذي يتقدَّم لزواجها وبغير أن يُعرَف رأيُها لا يصح عقد الزواج منها. وحديث أبى هريرة في ذلك ـ رضى الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال: "لا تُنكَح الأيِّم ـ أي لا تتزوَّج المرأةُ الثيِّبُ ـ حتى تُستأمَر ـ أي حتى يؤخَذ أمرها ويُعرَف ـ ولا تُنكَح البِكْر ـ أي لا تتزوَّج البنت التي لم تتزوّج بعدُ ـ حتّى تُستأذَن ـ أي حتى يُؤخَذ إذنها ويعرَف ـ قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنها ـ أي إذن البكر ـ قال: أن تسكُتَ" . وفي رواية أخرى: "الثيِّب أحقُّ بنفسها من وليِّها، والبِكْر تُستأمَر ـ أي يؤخذ أمرها ويُعرَف ـ وإذنها سكوتها" (كتاب التاج: جـ3 صـ315) .
فهذا الحديث ـ وهو حديث مُتَّفَق على روايته في كتُب السُّنّة ـ يُعطِي: أن إذن البنت في زواجها أمر مشروط في صِحّة عقد الزواج منها سواء أكان هذا الإذن صريحًا أو كان تعبيرها عنه بالسكوت عندما تُستأذَن.
والإجابة في الحديث عن "الإذن" بالسكوت هو طبقًا للعادة الجارية آنذاك والتي ما زالت توجَد في بعض المجتمعات. وهى أنَّ البنت يشتَدُّ حياؤها عندما تُسأل عن رغبتها في الزواج، ولذا تُفَضِّل أن تَسكُت، تعبيرًا عن مُوافَقَتِها. وبذلك أصبح السكوت ترجمةً لمعنى الموافقة عندما تسأل عن ذلك.
ولكن إذا تغيَّر هذا العُرْف وأصبحت البنتُ لا تخجَل من الإجابة الصريحة عن رأيها في زوجها المُقبِل ـ وكان سكوتها كذلك ليس كافيًا في معرفة رأيها ـ فإذنها عندئذٍ يكون بموافقتها الصريحة على زواجها ممّن تختاره.
وهكذا الإسلام يَضْمَن للمرأة ـ ثيِّبًا أو بكرًا ـ رأيَها ومشيئتَها في الزواج. والإكراه في نظره مُبطِل لعقد الزواج، كما هو مُبطِل لأيِّ تصرُّف يأتي من الإنسان المُكرَهِ.