المصدر
المكتبة الشاملة الذهبية
الكتاب
رِسَالَةُ الرَّدِّ الْأَقْوَمُ عَلَى مَا فِي كِتَابِ فُصُوصِ الْحُكْمِ
المؤلف
تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728 هـ)
الكلام الذي تضمنه كتاب " فصوص الحكم " وما شاكله من الكلام الظاهر في اعتقاد قائله
أن الرب والعبد شيء واحد ليس بينهما فرق وأن ما ثم غير كمن قال في شعره: أنا وهو واحد ما معنا شيء ومثل: أنا من أهوى ومن أهوى أنا ومثل: إذا كنت ليلى وليلى أنا وكقول من قال: لو عرف الناس الحق ما رأوا عابدا ولا معبودا. وحقيقة هذه الأقوال لم تكن في كتاب الله عز وجل ولا في السنة ولا في كلام الخلفاء الراشدين والسلف الصالحين. ويدعي القائل لذلك: أنه يحب الله سبحانه وتعالى والله تعالى يقول:
{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} والله سبحانه وتعالى ذكر خير خلقه بالعبودية في غير موضع فقال تعالى عن خاتم رسله صلى الله عليه وسلم {فأوحى إلى عبده ما أوحى} وكذلك قال في حق عيسى عليه السلام {إن هو إلا عبد أنعمنا عليه} وقال تعالى
{لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون} - الآية. فالنصارى كفار بقولهم مثل هذا القول في عيسى بمفرده فكيف بمن يعتقد هذا الاعتقاد:
تارة في نفسه وتارة في الصور الحسنة
من النسوان والمردان ويقولون: إن هذا الاعتقاد له سر خفي وباطن حق وإنه من الحقائق التي لا يطلع عليها إلا خواص خواص الخلق. فهل في هذه الأقوال سر خفي يجب على من يؤمن بالله واليوم الآخر وكتبه ورسله أن يجتهد على التمسك بها والوصول إلى حقائقها - كما زعم هؤلاء - أم باطنها كظاهرها؟ وهذا الاعتقاد المذكور هو حقيقة الإيمان بالله ورسوله وبما جاء به أم هو الكفر بعينه؟. وهل يجب على المسلم أن يتبع في ذلك قول علماء المسلمين ورثة الأنبياء والمرسلين أم يقف مع قول هؤلاء الضالين المضلين؟ وإن ترك ما أجمع عليه أئمة المسلمين ووافق هؤلاء المذكورين فماذا يكون من أمر الله له يوم الدين؟. أفتونا مأجورين أثابكم الله الكريم.
فكانت هذه الرسالة رداً على السؤال