المصدر
المكتبة الشاملة الذهبية
الكتاب
بين امتحان الدنيا وامتحان الآخرة
المؤلف
إبراهيم بن محمد الحقيل
هم الناس في هذه الأيام منحصر مع أولادهم، في حساب آخر العام، وحصد نتائج ما زرعوا خلال أيامه ولياليه، وأصبح ملحوظًا اهتمام كافة الناس بهذه الأيام وما يجري فيها؛ فالباحثون يعقدون الندوات، وينشرون الدراسات في كيفية التعامل مع هذه الأجواء. والمربون يقدمون النصائح والإرشادات، والآباء قد أرجؤوا عتاب وعقاب أولادهم على أعمال اقترفوها سيئة، وأخذوا يشدون عزمهم، ويشجعونهم على الصبر والجلد والمضي بقوة وهمة من أجل تجاوز الصعاب، وإزالة رهبة السؤال والجواب، والأمهات قد بذلن وسعهن فيما يعود بالراحة على أولادهن، وتهيئة الجو المناسب حتى تمضي هذه الأيام على خير، والجميع رجالاً ونساءً يلهجون بالدعاء أن يوفق الله أولادهم، ويكلل مساعيهم بالفوز والنجاح.
وما اهتمام الجميع بذلك إلا لأن هذه الأيام أهمت أولادهم، وما أولادهم إلا بضعة منهم؛ فهم يرون أن هذه الأيام تحدد جزءًا من مستقبل أولادهم.
إن هذا ليدعونا إلى النظرة فيما يحدد المستقبل كله، وبما أن هذا النوع من الحساب في هذه الأيام قد استحوذ على اهتمام الناس كلهم، مع أنه لا يعتبر شيئًا أمام الحساب الأكبر؛ فجدير بنا أن نقارن بين الحسابين، ونتأمل عاقبة الأمرين. والمقارنة غير ممكنة للفارق الكبير بين الحالين، والاختلاف بين الدارين، دار الدنيا ودار الآخرة.