المصدر
المكتبة الشاملة الذهبية
الكتاب
مفهوم أهل السنة والجماعة بين التوسيع والتضييق
المؤلف
د. محمد أبو الفتح البيانوني
إن اهتمامي بهذا البحث يعود إلى ما يقارب عشرين عاما، حيث كنت أدرس في المعهد العالي للدعوة الإسلامية بالمدينة المنورة، وأتداوله في صفحات كنقاط بحث وحوار مع عدد من الشيوخ والزملاء والدارسين في الدراسات العليا، رغبة مني في التقريب بين وجهات النظر حوله، وكنت أرى في المحاورين فيه المؤيد والمتحمّس له، كما أرى المخالف المعارض، والمقتنع المتحفظ الذي يخشى من سلبيات إثارته في المجتمع السعودي في ذلك الوقت.
وكنت أميل في وقتها إلى الموقف الثالث المتحفّظ، عملاً بقاعدة
(درء المفاسد مقدم على جلب المصالح).
ونظراً لشدة الحاجة إليه اليوم، وتجدد الصراعات حوله وفي أكثر من مكان بين بعض طلبة العلم من جهة، ونظراً لقلة سلبيات إثارته في المجتمع العلمي الكويتي المنفتح أكثر من غيره من جهة أخرى.
تجددت رغبتي في طرحه من جديد على مستوى محاضرة علمية، تفتح باب الحوار فيه ومناقشته، وتتقبل الملاحظات الواردة حوله من أهل العلم، والله من وراء القصد.
ولا يخفى على أحدٍ
أن من المسائل المهمة التي كثر حولها الكلام، وتوسعت فيه شقة الخلاف بين المسلمين، مسألة تعدد المذاهب، وبتعبير بعضهم اليوم: المدارس العقدية فيهم، وتمسك أصحاب كل مدرسة من هذه المدارس بلقب (أهل السنة والجماعة)، وانتمائهم إليه، وإنكار بعضهم على غيرهم صحة هذا الانتماء، أو سلامة تلك النسبة، وعدهم من أصحاب الفرق الضالة التي أشار إليها حديث الفرق المشهور، وحكم بأنها في النار إلا واحدة .. مما أثار جدلاً طويلاً، وأعقب آثاراً وخيمة في حياة المسلمين، وشكل عقبة كبرى في طريق الدعوة الإسلامية المعاصرة، فباعد بين القلوب، وفرق بين الصفوف، وأضعف الكلمة.
من هنا
اهتممت ببحث هذه القضية، واعتنيت بها، عسى أن أصل فيها إلى الحق الذي يجمع بين القلوب، ويدفع الإشكالات والالتباسات حول هذه المسألة، فأساهم بذلك في جمع كلمة المسلمين، ودفع الفرقة والشقاق عنهم، مما يعد من أوجب الواجبات، وأسمى الأهداف، والله المستعان، وعليه التكلان، وهو ولي التوفيق.